بنك الألم باسم المرعبي تحميل

تتفاوت درجة الألم والتعبير عنه بين كائن وآخر. غير أن الثابت هو الكائن محكوم بالألم. الألم هو العلامة الفارقة لوجودنا كل كائن حي يحوز مقدار. . .  ا من الألم، مهما كان ألمه ومهما كان مصدره، بل إني أزعم أن الألم يشمل كل شئ. . الحجر يتألم فينبثق منه الماء وتاج ألم الشجرة، هو خضرتها العابقة. والوردة، هذه البهجة المتجسدة في لون وعطر وملمس أخَاذ، لا بد أن ثمة ألماً كبيراً يقف وراء سحرها المتدفق. . وهي بدل أن تفيض بالدمع تفيض عطراً وإذا كانت ردة فعل بقية الكائنات آليًا على الألم فإن الإنسان يمتاز، بدوره، بالتفنن في التعبير عن هذا الألم ، ويأخذ هذا"التفنن" مداه الأقصى عند الإنسان ـ الكاتب فهو يضمر صرخته وتوجعه العاديين الى ما هو أسمى من ذلك. . إنه يقول ألمه ، فنّاً، و لكأن هذا الألم يتحول إلى امتياز كبير، يغبط الكاتب نفسه، عليه سرّاً! ليس من كتابةٍ كبيرة لا تتأتى من ألم كبير وليس من كاتب حقيقي يطلع من ألم زائف. الألم خلاق، ولكن بشرط أن لا يتجاوز حدود الطاقة الإنسانية، خلاق لأنه يحرّض ويستفز أقصى ما يمتلك الكاتب من " وسائل" للدفاع عن إنسانيته وحلمه، من هنا تجئ كتابته متميزة مختلفة، وثمينة، لأنه يحاول أن يعادل ذاته بنصه، يريد أن أن يفيها قلقها، تطلعها ، وحتى غرورها. والنص الذي ينتجه الكاتب قد يقنعه "آنيّاً" بأنه يساوي ألمًا ما أنفقه، أو نرجسية تلبسته، ولكن بمضّي الوقت والكلمات تخفت، هذه الأخيرة، التي حازها النص وتعتق، وبالمقابل يتجدد ألم النفس، يتجدد تطلعها وقلقها. . لذا يكون الشروع في كتابة نص آخر، نص يحاول أن يسد الثغرة الجديدة التي انفتحت على النفس، أو أن النفس انفتحت عليها. النص معادلُ الألم يالها من مقايضة مهينة ! لكأنّ الكاتب يتسلى بمرآة أعضائه تتداعى، في الوقت الذي ينحو نصه الى التشكل. . لكأنّ النص ينسخ النفس النص يتشكل، النفس تضمحل النص مرآة صافية للنفس عند كل متألم، كاتب. صافية ولكن لا صفاء مع النفس ولا سلام. مَن علِق بالحرف فقد اختار الحرب. وألمحارب الحقيقي هو الذي يدرك أنه ليس من خلاص، ومع ذلك يتورط ويذهب الى المدى الأقصى لحربه وفيها.   Show.