تميزت النصوص المسرحية منذ بدايات ظهورها بكونها أداة جيدة لحمل مختلف الأفكار والانفعالات والمشاعر، فهي كأي خطاب فكري تنبع من ذات إنسانية وتحمل في ط. . . ياتها رسالة تلك الذات بما يُراد إيصاله للآخرين، فالكاتب المسرحي حين يبدع فنه يعمل على إنتاج أو الصور الحياتية التي تعيشها المجتمعات الإنسانية أو إعادة إنتاجها، وتكون نصوصه ممثلة لعدد من جوانب المعرفة بنقلها الأفكار والمشاعر والتقاليد والعلاقات الإنسانية والطروحات المختلفة إلى المتلقين عِبر مضامينها الفكرية التربوية. واتخذت هذه المضامين عدة اتجاهات في النصوص المسرحية تناسبت والمعطيات التي يطرحها الكُتاب فيها والتي تأتي من محاولة تحقيق التكامل بين اتجاهاتهم الفكرية وأحاسيسهم وانفعالاتهم الحياتية وبين تأثيرات الواقع المحيط بما يشمل من تقاليد وعادات وقيم وضغوط سياسية واقتصادية ونفسية. . . الخ ، وهو ما حدد اتجاهاتهم ومساراتهم في تضمين النصوص المسرحية. ولما كان الحوار هو مجال تصوير الأحداث الدرامية ، فقد اعتنى به الكُتاب واستعملوا له لغة مميزة ومنها لغة الشعر إذ توطدت العلاقة بينهما منذ بدايات المسرح الأولى ومرت هذه اللغة بعملية تطوّر باستعمال أوزان وتفاعيل متفقة مع طبيعة الدراما ،حيث وظِفت إمكاناتها وتأثيراتها الدلالية لتحمل مختلف المضامين الفكرية التربوية نحو المتلقين وتصبح أداة المحاكاة في المسرح. فالاكتشافات في مجال العلوم والصناعة اصبحت عوامل ضاغطة ومؤثرة دفعت الى ترك الاساليب والانماط التي كانت سائدة في الحياة الاجتماعية والفردية بصورة خاصة؛ لذلك حاول الكثير من المبدعين الفنانين والادباء ايجاد الوسائل الفنية التي يمكنها ان توصل افكارهم وتعبر عن ازماتهم النفسية المستمرة. تميز الأدب المسرحي عبر العصور ، بارتباطــه الوثيق بتناول المشكلات الإنسانية ، وقد كان لهذا التفاعل المشترك مابين النص كنتـــاج فني ، والحياة وأزماتها كمادة داعمة له ْ ، الأثر المهم لما طرأ على النص المسرحي من تحولات على مستوى الشكل والمضمون ، وقد وصل هذا الأمر إلى قمته مع نتاجات مسرح اللامعقول ، حيث كان الأخير من أشد التيارات المسرحية التي تعاملت تعاملا ً خاصا مع هذا الجانب ، حتى غدا البناء الفني في مسرحية اللامعقول يتخذ شكلا خاصا ً لم يتوصل إليه سابقا ً ، كما غدت المضامين تتجه صوب مسارات أخرى تتجاوز الجزئيات التي تركز على الوضــع الأسري ومشكلاته كما كانت تنادي بها المسرحية الواقعية والتعبيرية والرمزية ، لتثير التساؤلات التي ترتبط بوجود الإنسان ومصيره وموقفه من الحياة وكينونته بشكل ثوري محتدم. ونظرا ً لما يمثلــه هذا الأمر من أهمية تتصل بالتجديد على مستوى النص المسرحي العالمي أخذت الظاهرة المسرحية منذ نشأتها وبشكل شبه درامي بعدا إنسانيا امتد في صلب الذاكرة الجمعية للفرد والجماعة ، إذ إن أغلب تلك الظواهر كانت تقدم كجزء من طقس ديني في شكل احتفال جماهيري عام ، كما هو الحال في الظواهر شبه المسرحية في الرقص في الهند واحتفالات الفراعنة وعربة ثيسبس. . مروراً بتمثيليات الأسرار والقديسين في الكنائس والساحات العامة في القرون الوسطى وصولا إلى عصر النهضة في أوربا. إن مجمل تلك الظواهر بعد إرساء التقاليد الخاصة بها حاولت إيجاد فرضيات وأشكال جديدة من منطلق الرغبة الدائمة في التغيير على صعيد الشكل والمضمون. ومن خلال مسيرة المسرح الطويلة وظهور التخصصات الوظيفية في مجمل أركانه بدأ المسرح من الاحتفالات الدينية التي قامت على الرقص والانشاد والشعر للاعياد (الديونيسسية)،هذه النشأة التي انطلقت من الاغريق وتطورت بحيث صار المسرح تمظهراً للبناء الدرامي وسردية الحكاية التي شكل الجسد المتحرك العصب الرئيس لها بوساطة الممثل، مما جعل طريقة عرض الدراما تتشكل على وفق تصورات الانسان الاغريقي واساطيره التي تمثل تصويراً لمصائر البشر في اصطراعها مع الالهة او مع بعضها فكان الواجهة التي تمثل رغبات الأفراد بصورة تدل على تطور الفكر البشري حينذاك وسط صراعات ثقافية جمة بما فيها الدينية و الاجتماعية و كذلك السياسية. ان التمظهرات التي أحاطت بفن المسرح منذ ظهوره وحتى يومنا هذا جعلته فناً يستوعب كافة التطورات تماشيا مع تطور الحضارات فكان الإنسان بفكره الواسع ينساق وراء تطلعاته وفق نسق زمني ومكاني من اجل الإمساك بعجلة هذا التطور ، فاتخذ ذلك الإنسان الكثير من الطرق او الوسائل من اجل إيجاد كل ما هو جديد يدفع بذلك الفن الى معايشة الواقع وفق تمحورات أيديولوجية انغمست في بطون الوعاءات الدنيوية التي أحاطت به. ان الظروف الجيدة التي أحاطت بالفن المسرحي منذ بداياته مروراً بالعصر الكنائسي الذي ضيق من تطور هذا الفن ، دفعت المهتمين به الى إرساء القواعد الصحيحة و المنطقية لتقولبه وفق معطيات كانت بدائية ، فظهر نتيجة ذلك مجموعة تحاول النهوض بواقع هذا الفن فكان هناك( ثسبيس) ثم (اسخيلوس )و( سوفوكليس) و( يوربيدس) في المجال التراجيدي ، وكان هنالك( ارستوفان) في الكوميديا هؤلاء الشعراء استفاقوا ليجدوا مكنوزهم الأسطوري حافلا بالكثير من الأحداث التي عبرت بصورة جدلية عن تاريخهم الميثولوجي القريب الى الخيال من بعده الديني ، وكانت تلك الأساطير حاوية على الكثير من الأساليب الفنية و الفكرية التي ساعدت بصورة غير قابلة للشك هؤلاء الشعراء في صياغة أعمالهم المسرحية. ان هؤلاء الشعراء وضعوا أمامهم فكرة مهمة ، ان الفن المسرحي هو صورة معبرة عن خلجات النفس البشرية الكامنة و الظاهرة من خلال ما يحويه من أساليب متنوعة ومختلفة ضمت في طياتها الكثير من التساؤلات التي بدأت واجهة خطيرة نحو تحرر ذلك الإنسان من القيود الماضية و الحاضرة التي جعلت منه صريعا او أسيرا لأفكار أسطورية دينية كانت في الكثير من الأحيان مبهمة الفهم عليه ولعل الجرأة المسرحية في تبني الأفكار التحررية ومنها الثورية جعلت منهم تراثا مسرحيا يقتدي به الشعراء اللاحقون في صناعة أعمال مسرحية تحاكي واقعهم المضطرب في ظل ظروف سياسية واجتماعية ودنية كانت عرضة للكثير من الانتقادات ، ولم يجد الإنسان سوى الفن المسرحي معبر عن رأيه ولإيجاد ضالته التمردية الثورية ضد هذه الأمور. ونظرا لما للمسرح من قدرة وإمكانية على نقد الواقع المعاش ، والتأثير فيه وطرح الحلول للمشكلات التي يتعرض لها هذا الواقع على مستوى الفرد او المجتمع ، ونتيجةً للمتغيرات التي طرأت على واقع المجتمعات في الجوانب الاجتماعية والعقائدية والسياسية والعلمية كافة فأن ذلك أدى بالعاملين في المسرح إلى التفكير بمفاهيم جديدة من خلال اتجاهات وأساليب تتماشى وتلك المتغيرات ، لها القدرة على استكشاف وسائل جديدة ومبتكرة في مجال التعبير المسرحي لم تستطع وسائل المسرح التقليدي التعبير عنها. فكل ما قام به الكتاب المسرحيون الرومانسيون والرمزيون والتعبيريون والسرياليون والوجوديون والعبثيون. . . وغيرهم ، من ابتكارات جمالية وفلسفية جديدة تتماشى والمتغيرات التي طرأت على الفرد الأنسان وعلى المجتمع بخاصةَ في القرن العشرين ، حتى أصبحت هذه الابتكارات والاتجاهات المسرحية الجديدة تمثل نتيجة حتمية لما آلت إليه الحربين العالميتين ، وما خلفتهُ تلك الحروب من دمار وخراب طال كل شيء حتى النفس الإنسانية ، الامر الذي دفع العاملين في المسرح الى البحث عن وسائل وطرق جديدة ومبتكرة تتماشى مع الثورة الصناعية والتكنولوجية ، من خلال أساليب جديدة وحديثة لنقد هذا الواقع المأساوي وإيجاد العلاج الناجع لإصلاح ما خربته الحروب في كل المجتمعات. لهذا حاول المؤلف البحث في سمات التجديد التي طرأت على النصوص المسرحية لكتاب وشعراء الفن المسرحي من خلال الاجابة على التساؤل الاتي : ما هي سمات التجديد في النص المسرحي ؟ محاولا الغور في نصوص الكاتب العراقي ( طه سالم ) الذي حاور الثقافة والحضارة الاوربية وقدمها في نصوصه المسرحية بطريقة ورؤية عراقية محلية ، والبحث عن كل ما هو جديد في هذه النصوص ، فقد تضمن البحث أربعة فصول: الفصل الأول عني بالإطار المنهجي للبحث ، وتجلت أهمية البحث والحاجة إليه في تسليطه الضوء على سمات التجديد والاتجاهات الحديثة في النص المسرحي ، من خلال تسليط الضوء على بعض النصوص المسرحية لكتاب المسرح العالمي ، هذا وفضلاً عن اشتقاق هدف أساس هو الكشف عن سمات التجديد في مسرحيات (طه سالم). الفصل الثاني عني بالإطار النظري واحتوى ثلاثة مباحث أهتم المبحث الأول تناول مفهوم التجديد والمصطلحات المقاربة له ، فيما تناول المبحث الثاني دراسة التجديد في النص المسرحي العالمي ، اما المبحث الثالث فتناول التجديد في النص المسرحي العربي والعراقي ، وخرج البحث من الاطار النظري بالمؤشرات التي وظفها أداةً لتحليل العينات ، وبعدها تناول البحث الدراسات السابقة. أما الفصل الثالث فقد تضمن (اجراءات البحث) وإشتمل على مجتمع البحث الذي ضم عشرين نصاً مسرحياً لـ(طه سالم) والتي كانت منشورة ، أما نماذج العينة فكانت سبع نماذج وهي ( فوانيس– ورد جهنمي – طنطل – نجمة أم ذويل – مدينة تحت الجذر التكعيبي– قرندل – المسافر) ، اذ تم اختيار العينة لما تحتويه من سمات تجديدية. أما الفصل الرابع فقد احتوى على نتائج البحث التي توصل إليها الباحث وعرضاً للاستنتاجات والتوصيات والمقترحات. Show.
التجديد في النص المسرحي عيسى علي تحميل سيل
عنوان كتاب |
بحجم |
حلقة الوصل |
---|---|---|
التجديد في النص المسرحي اقرأ من عند EasyFiles |
3.4 mb. | تحميل كتاب |
التجديد في النص المسرحي تحميل من عند OpenShare |
4.6 mb. | تحميل حر |
التجديد في النص المسرحي تحميل من عند WeUpload |
3.5 mb. | اقرأ كتاب |
التجديد في النص المسرحي تحميل من عند LiquidFile |
3.4 mb. | تحميل |
عنوان كتاب |
بحجم |
حلقة الوصل |
---|---|---|
التجديد في النص المسرحي اقرأ في ديجيفو |
3.2 mb. | تحميل ديجيفو |
التجديد في النص المسرحي تحميل في قوات الدفاع الشعبي |
4.4 mb. | تحميل قوات الدفاع الشعبي |
التجديد في النص المسرحي تحميل في odf |
3.2 mb. | تحميل ODF |
التجديد في النص المسرحي تحميل في ملف epub |
4.8 mb. | تحميل ملف ePub |