ينابيع أندلسية حضارية : عذبة المعاني في عصور تاريخية متنوعة محمد العامري تحميل

تحفل المصادر الأندلسية بفرائد من نصوص مميزة وممتعة ولامعة حضارياً خلال وجود العرب المسلمين ثماني قرون من الزمان. تعدد وتلون إنجازات حضار. . .  ية في الأندلس يعد أنموذجاً فريداً للعلماء والحكام من أمراء وخلفاء وملوك وسلاطين كانوا محط إعجاب ودهشة وفخر تتباهى به مصادر أندلسية بتسجيل نصوص فريدة ذات معانٍ وتعتز بقخر تسجيلها بكل أمانة وثقة وأبداع معانٍ وبلاغة لغة وتوضيح ومنهجية علمية راقية تجذب أذواق أحباب أندلس. تم أختيار نصوص فريدة من ينابع عيون مصادر فريدة ذات معاني ودلائل ذات طابع ثقافي وأجتماعي متنوع وعذب معاني وجذاب بمفرداته، يعبر عن أحوال أندلس من تطور العلوم والاداب والفنون، اذ أصبحت حضارة أندلس محط أعجاب وتقدير بالغين في عصري أمارة وخلافة وكانها بمثابة عصر ذهبي في نتاجاته حضاربة،وأزدهار أقتصاد نظرا لتوفر أمن وأستقرار وأبداع في تاليف عديد من كتب،وبناء مساجد وقصور وحصون وقلاع وقتاطر وأسوار وقتاطر، وبأسلوب هندسي متقن في نقوش عمارة ومواد بناء الملائمة لظروف مناخ وطبيعة أرض أندلس سعيد حظ من ولد وعاش ودرس في أرض أندلس وكتب يها أو عنها لجودة أرضها وطيب هوائها وكثرة خيراتها ووفرة أمن وروح التسامح بين أهل الديانات و المذاهب والطوائف، اذ نجد الكناس قري المساجد والمصاهرات بين المسلمين والنصارى وتنوع أزياء ملابس وأعياد وأحتفالات وطقوس، تمارس بكل حرية وأمان والكل يحترم عادات وتقاليد المذاهب أخرى،وقد تأثر كلا بأخر بقناعته، وقد أسلم عددآ كبيرآ من النصارى أو أستعربوا وقلدوا أخوانهم المسلمين في ختان أولادهم بعد أن تاكدوا من فائدته صحية،كما أمتنعوا عن أكل لحم الخنزير’ وأهتموا بنظافة وصبغ الشعر بالحناء،وأمتنعوا عن شرب الخمر بسبب أضراره صحية،وقد أعجب شعراء أندلس ببيئتهم وشيهوها بجنة عدن’ كما أنشد أبن خفاجة القرطبي أبياتا حضارية: يا أهل الأندلس لله دركم ماء وظل أنهار واشجار ماجنة الخلد الا في دياركم وهذه لو كنت خيرت اختار لا تتقوا بعدها ان تدخلوا سفراً فليس تدخل بعد الجنة النار حرص علماء أندلس على متابعة كل ماهو جديد في المشرق لنقله وأستنساخه بأسلوب عذب معاني وبديع مظهر،وكانت بغداد منارة علم وقبلة قصاد وكعبة عشاق حضارة،وكانت عيون وقلوب أهل أندلس متجهة صوب مشرق أسلامي تعمل على منافسته وتقليده في علوم وأداب وفنون،وقد عبرا أهل تاريخ وحضارة أندلس وشبههوا بيئتهم وقارنها بأجواء مناخ وطبيعة وتطور أحوال ولايات المشرق أسلامي،كما جاء عند الجغرافي أبن غالب الغرناطي في كتابه: (فرحة الانفس في تاريخ الأندلس) نقلا عن الرازي وأبو عبيد البكري القرطبي بقوله:(والأندلس شامية في طيب أرضها ومياهها، يمانية في أعتدالها وأستوائها، أهوازية في عظيم جبايتها،عدنية في منافع سواحلها، صينية في جواهر معادنها، هندية في عطرها وطيبها، وأهلها عرب في العزة والانفة وعلو الهمة وفصاحة الالسن وطيب النفوس وأيابة الضيم وقلة أحتمال الذل، هنديون في فرط عنايتهم بالعلوم وحبهم فيها، هم أشد الناس بحثا عليها وأصحهم ضيطآ وتقييدآ ورواية لها وخاصة لكتاب الله وسنة نبيهم محمد(ص)، بغداديون في نباهتهم وذكائهم وحسن نظرهم وجودة قرائحهم ونظافة أذهانهم وحدة أفكارهم ونفوذ خواطرهم ورقة أخلاقهم وظرفهم ونظافتهم، يونانيون في أستنباطهم للمياه ومعاناتهم لضروب الغراسات وأختيارهم لأجناس الفواكه وتدبير لتركيب الشجر ولأقامة البساتين بصنوف الخضر وأنواع الزهر، فهم أحكم الناس لأسباب الفلاحة، ومنهم أبن بصال صاحب كتاب الفلاحة الأندلسية التي شهدت التجربة بفضلها وعؤل على صحتها، صينيون في أتقان الصنائع العلمية وأحكام المهن التصورية، فهم أصبر الناس على مطاولة التعب في تجويد الأعمال ومقاساة النصب في تحسين، تركيون في معاناة الحروب ومعالجة الآتها، فهم أحدق الناس بالفروسية وأبصرهم بالطعن والضرب، وذلك بحسب مايقتضيه اقليمهم،وأعطته لهم نسبتهم من ذلك على ماذكره بطليموس وغيره شهد القرنين الثالث والرابع الهجريين قمة أزدهار حضاري أبان عصري الأمارة وخلافة في قرطبة،وشهدت مدن أندلس عنفوان تطور وأبداع مدهش بكل معاني حضارية، وقد نهض أمير عبد الرحمن بن الحكم (أوسط) بأرسال مندوبين ومراسلين ثقافيين الى بغداد وبصرة ووأسط وكوفة وغيرها من حواضر عربية في المشرق أسلامي لنسخ الكتب جديدة أصدار أو شرائها بأثمان باهظة ونقلها الى أندلس للاستفادة منها أو تصنيف على غرارها، ومن هولاء المندوبين محمد بن طرخان أرسله أمير عبد الرحمن الاوسط على رئس فريق ومعه أموال طائلة وتخويل بصرف لشراء النوادر من كتب المشارقة في مختلف علوم وأداب وفنون،كما أدخل فرائد المصادرالمشرقية، وكان أمير أموي عبد الرحمن أوسط يهدف بعمله حضاري منافسة نهضة بغداد في حكم المامؤن بن الرشيد العباسي وقت أزدهار بيت الحكمة البغدادي الذي صار أكبر أكاديمية عالمية وأنبثقت به حركة ترجمة كتب أوائل يونان ورومان من أطباء وصيدلة وفلاسفة مشاهير شاع صيتهم في محافل علمية وهم أعلام كبار لهم فرائد مصنفات باللغة اللاتنية يصعب معرفتها وفهمها، اذ أستفاد وأنتفاع ناس منها، فشرع علماء بيت الحكمة من المترجمين يجيدون اللغات،أخذوا على عاتقهم وتعهدوا على تعريبها ليسهلوا للباحثين معرفتها ونشرها نجح أهل أندلس بنقل تراث مشرق يسرعة فائقة مدهشة وأسرع من برق، وحقآ عند ماقال أبن بسام الشنتريني عندما قال أذا نعق غراب في المشرق دوى صوته في قرطبة واذا طنت ذبابة سمع طنينها في أرض أندلس عذوبة بلد أندلس تتجلى في عذوبة علوم وأداب وفنون نافعة للبشرية مثل أختراع أول محاولة عامية لطيران في قرطبة قام بها عباس بن فرناس التاكرني ليتحدى العالم وينفرد بأنجازه رائع،وكذلك ماقام به فنان موسيقار مبدع علي بن نافع زرياب بصناعة العود وزاد عدد أوتاره وأتخاذ ريشة من قوادم النسر وأوتار عوده من أمعاء حيوانات مفترسة لقوتها ونرى في السجل الحضاري الأندلسي ينابيع وعيون،كما نرى أول عملية قيصرية للولادة في بلد أندلس، قام بها طبيب قرطبي في عصر خلافة هو عريب بن سعد القرطبي صاحب كتاب(خلق الجنين وتدبير الحبالى والمولدين)،كما نجد الطبيب الزهراوي صاحب كتاب (التصريف لمن عجز عن التاليف)والذي يعد جوهرة في علم الجراحة ترجم كتابه الى اللاتينة واللغات العالمية أخرى للاستفادة منه ولازال يدرس في كافة جامعات العالم وهو مجال فخر وأعتزاز للاندلس. كم نجد العالم اللغوي الضرير أين سيده المرسي،أبي الحسن علي بن أسماعيل النحوي(ت 458 هه )يصنف كتابآ وهو كفيف البصر بعنوان: (المخصص) وهو من فرائد معاجم مفردات اللغة في مجلدات عدة بمنهجية علمية رائعة. أمتاز علماء أندلس بصفة العفة وأبأة نفس العفيفة وثقة في تاليف كتب، اذ نجد تمام بن غالب،المعروف بابن التياني،أبو غالب المرسي،كان أمام باللغة،ثقة في أيرادها،مذكورآ في الديانة والعفة والورع،وله كتاب مشهور جمعه في اللغة لم يؤلف مثله أختصارآ وأكثارآ،اذ أن الآمير أبا الجيش مجاهد بن عبد الله العامري،وجه الى أبي غالب أيام غلبته على مرسية، وأبو غالب ساكن بها،الف دينار أندلسية، على أن يزيد في ترجمة هذا الكتاب (ومما الفه لأبي الجيش مجاهد)،فرد الدنانير، وأبى من ذلك، ولم يفتح في هذا بابا البته، وقال : والله لو بذلت لي الدنيا على ذلك مافعلت ولا أستجزت الكذب، فاني لم أجمعه له خاصة،لكن لكل طالب علم عامة. فاعجب لهمه هذا الرئيس وعلوها،وأعجب لنفس هذا العالم ونزاهتها. (الحميدي،جذوة المقتبس،ترجمة رقم: 342،ص 161،أبن الفرضي، تاريخ علماء الأندلس،ترجمة رقم :303،الضبي، بغية الملتمس،ترجمة رقم :600 ) أطلالة حضارية عذبة نحاول تجديد تاليف في عرض نصوص مختارة بديعة معاني، لعلنا ننجح في كسب تأييد ذوق الباحثيين في حسن أختيار عنوان ومادة حضارية لكتابنا هذا، وهدفنا هو خدمة التراث أندلسي ومتعة القارىء المثقف، وأن يتقبل الله ورسوله وأهل بيته الكرام جهدنا المتواضع، وبه نستعين بفضله،ونحن خدام العلم والتراث أندلسي   Show.